أخر الاخبار

الشروط الامريكية للقاء الرئيس السوري.

اشتراطات جوهرية قبل اجتماع ترامب بالشرع.

كشفت مصادر مطلعة عن اشتراطات اساسية وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية على النظام السوري قبل انعقاد لقاء محتمل بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس السوري احمد الشرع في المملكلة العربية السعودية، وذلك برعاية من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ومن المتوقع ان تتضح ملامح هذه الشروط في خطاب مرتقب للرئيس الشرع يوجهه الى الشعب السوري خلال الساعات القادمة، حيث من المرجح ان يركز الخطاب على تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في سوريا، والتأكيد على التنوع الطائفي والمناطقي والحزبي والعرقي الذي يزخر به المجتمع السوري.

الرئيس السوري يلتقي الرئيس ترامب.
العقوبات الامريكية على سوريا.

الاجندة العربية والمصالح الاقتصادية الأمريكية.

بالإضافة إلى الشروط الداخلية، من المتوقع أن يلتزم الرئيس الشرع بتنفيذ الأجندة العربية، وعلى وجه الخصوص الأجندة السعودية. وفي سياق تطورات المنطقة، فإنه من المرجح أن تكون سوريا طرفاً معنياً بأي إتفاق تطبيع للعلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وذلك تحت مظلة ما يعرف ب "الاتفاقيات الإبراهيمية". وعلى صعيد آخر، تشير المصادر إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد حصول الشركات الأمريكية على حصة من استثمارات المواد الأولية والثروات الطبيعية المتوفرة في سوريا.

التحولات السياسية في سوريا وتداعياتها على السياسة الأمريكية.

تعقيد المشهد السوري وظهور قيادة جديدة.
لطالما شكل الملف السوري نقطة تقاطع معقدة لمصالح إقليمية ودولية متعددة منذ عام 2011. ومع افتراض سقوط نظام بشار الأسد وتولي أحمد الشرع زمام الأمور في سوريا، تشهد المنطقة تحولات سياسية جذرية تستلزم من الولايات المتحدة الأمريكية إعادة تقييم وتكييف سياساتها بما يخدم مصالحها الاستراتيجية المتجددة. يهدف هذا المقال إلى استشراف ملامح السياسة الأمريكية المحتملة في هذا السياق، مع الاخذ في عين الاعتبار المبادئ التي وجهت إدارة الرئيس ترامب في تعاملها مع الملفات الدولية، وسياساتها تجاه سوريا على وجه الخصوص. ويشار إلى أن الرئيس احمد الشرع قد شغل منصب الرئيس السوري في الفترة الانتقالية بعد الثورة، مما يجعله شخصية محورية في تحديد مستقبل البلاد وعلاقاتها الخارجية.

استمرار الأولويات الاستراتيجية الأمريكية في عهد ترامب.

على الرغم من السياسة الخارجية الأمريكية عادة ما تستند إلى مبادئ راسخة، فقد تميزت فترة ادارة الرئيس دونالد ترامب (2017-2021) بنهج براغماتي يركز بشكل اساسي على تحقيق المصالح الأمريكية المباشرة وتقليل التورط العسكري الخارجي. وفيما يتعلق بالملف السوري، حددت ادارة ترامب جملة من الأولويات الأساسية التي من المرجح أن تستمر في التأثير على السياسة الأمريكية المستقبلية. وتشتمل هذه الأولويات مكافحة الارهاب، وعلى رأسه تنظيم داعش ومنع عودته للظهور، حيث من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة جهودها في هذا المجال بالتعاون مع الحكومة السورية الجديدة أو من خلال الحفاظ على تواجد عسكري استراتيجي محدود. كما سيبقى هدف منع استخدام سوريا كقاعدة لجماعات إرهابية تهدد المصالح الأمريكية أو حلفائها قائماً.

مواجهة النفوذ الإيراني وتقليص الأعباء الأمريكية.

مثل تنامي النفوذ الإيراني في سوريا تحدياً كبيراً بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وإدارة الرئيس ترامب بشكل خاص، حيث اعتبرته تهديداً لميزان القوى الاقليمي ومصالح حلفائها مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية. بناء على ذلك، من المرجح أن تستمر واشنطن في مساعيها للحد من هذا النفوذ. بالإضافة إلى ذلك، دعا الرئيس ترامب في السابق إلى انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية من سوريا مع الإبقاء على قوة محدودة لحماية المصالح الاستراتيجية، بما في ذلك حقول النفط، لمنع وقوعها في ايدي جهات قد تعادي المصالح الأمريكية. هذه الرغبة في تقليص الأعباء المالية والعسكرية الأمريكية في سوريا. من المرجح أن تبقى عاملاً مؤثراً في صياغة السياسة المستقبلية.

تطور العقوبات الأمريكية على سوريا. من الإدراج الأولي إلى قانون قيصر.

بدأت الولايات الأمريكية بفرض عقوبات على سوريا في عام 1979، وذلك عندما أدرجت دمشق ضمن أول قائمة للدول التي تعتبرها واشنطن راعية للارهاب، وقد ترتب على هذا التصنيف جملة من القيود شملت المساعدات الأميركية، وحظر بيع الأسلحة، وتشديد الرقابة على معاملات البنوك الأمريكية مع الحكومة السورية وكياناتها، بالإضافة إلى فرض عقوبات على مسؤولين وكيانات حكومية محددة. وعلى الرغم من التوتر الذي شاب العلاقات بين واشنطن والرئيس الراحل حافظ الأسد وابنه بشار من بعده، إلا أن الكونغرس الأمريكي خطا خطوة إضافية في عام 2005 بإقراره قانون محاسبة سوريا. جاء هذا القانون على خلفية اتهامات لسوريا بالسماح لما وصفوا بالارهابيين باستخدام اراضيها لزعزعة استقرار العراق ولاحقاً لبنان. وقد تضمن القانون قيوداً على تصدير السلع الامريكية إلى سوريا باستثناء الغذاء والدواء، ومنع شركات الطيران السورية من السفر الى الولايات المتحدة، وتوسيع نطاق العقوبات ليشمل المزيد من المسؤولين السوريين، مع استثناء إستيراد السلع السورية والتعاملات المصرفية والاستثمارات الأمريكية آنذاك.

شهدت العقوبات الأمريكية تحولاً جوهرياً بعد إندلاع الإنتفاضة السورية في عام 2011 وما تلاها من قمع حكومي. فرضت حينها عقوبات أكثر شمولية وتشدداً استهدفت قطاعات حيوية كقطاع النفط والغاز والطيران والقطاع المصرفي بما في ذلك المصرف المركزي، بالإضافة إلى فرض قيود على تصدير سلع أساسية وتكنولوجية. إلا أن نقطة التحول الأبرز تمثلت في إقرار الكونغرس الأمريكي في نهاية عام 2019 قانون حماية المدنيين السوريين المعروف بقانون قيصر. وقد مثل هذا القانون نقلة نوعية في العقوبات الأمريكية وطريقة تعامل واشنطن مع الملف السوري، حيث وسع إطار العقوبات ليشمل عقوبات ثانوية تستهدف ليس فقط الحكومة السورية بل أيضاً الأطراف المتعاملة معها، مما شكل ضغطاً اقتصادياً مضاعفاً على النظام السوري.

الغموض يكتنف رفع العقوبات الأمريكية على سوريا، حيث لم تتضح بعد طبيعة العقوبات التي سيشملها الرفع والإطار الزمني المحدد لذلك. وقد أشار الخبير الاقتصادي السوري الدكتور كرم الشعار إلى أن تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض استخدم عبارة وقف أو تعليق العقوبات، بدلاً من كلمة رفعها، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية هذا الإعلان وما إذا كانت سوريا قد قدمت تنازلات مقابله. وقد ربط ترامب قراره هذا بمحادثات اجراها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي حثه على النظر في تخفيف العقوبات. ويرى ستيفن هايدمان، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية سميث، أن تصريح ترامب قد يكون هدفه إظهار تجاوبه مع مخاوف أثيرت من قبل مضيفيه السعوديين بشأن تخفيف العقوبات، مع التأكيد على أهمية ترجمة هذه التصريحات إلى أفعال ملموسة عند عودته الى واشنطن.

من الناحية الإجرائية، يمتلك الرئيس الأمريكي سلطة رفع العقوبات التي فرضت بأوامر تنفيذية بشكل فوري. في المقابل، يتطلب رفع العقوبات التي سنت بقوانين من الكونغرس، مثل قانون قيصر الذي يشمل عقوبات ثانوية، وقتاً أطول وإجراءات تشريعية تتضمن تصويتاً في الكونغرس. وفي هذا السياق، يقترح الدكتور كرم الشعار إمكانية لجوء الادارة الاميركية لتمديد وتوسيع نطاق الرخصة الخاصة التي أصدرتها إدارة جو بايدن في نهاية العام الماضي، والتي تضمنت بعض الإعفاءات للأنشطة الاقتصادية الخاضعة للعقوبات، وذلك كحل مؤقت ريثما يتم إقرار رفع العقوبات بشكل دائم.

الآثار المباشرة لرفع العقوبات الأمريكية على الاقتصاد السوري.

سجل سعر صرف الليرة السورية تحسناً ملحوظاً عقب إعلان ترامب عن نيته رفع العقوبات، ليصل إلى حوالي 11 الفاً، وهو ما اعتبره الخبراء أثراً نفسياً وسياسياً يسبق الأثر الاقتصادي الحقيقي الذي قد يستغرق أشهراً. ويتوقع الشعار أن يشهد القطاع المصرفي التحسن الأكبر، حيث ان العقوبات الثانوية اعاقت مساهمة السوريين في اعادة بناء بلدهم. وقد تسببت العقوبات في عزل سوريا عن النظام المالي العالمي، مما أدى إلى خنق التجارة و الإستثمار وعرقلة المساعدات الإنسانية. ويرى هايدمان أن العقوبات الأمريكية كانت العائق الأكبر أمام المشاركة الدولية في تعافي الاقتصاد السوري، وأن رفعها سيفتح الباب للاستثمار الأجنبي ويعيد دمج سوريا في الاقتصادين الإقليمي والدولي، كما سيمثل ضوءاً أخضر لدول داعمة مثل السعودية وقطر لتقديم الدعم المالي لدمشق.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -