المناطق الزرقاء لأطول الأعمار.

الشعوب الأطول عمراً.

تعرف عدة مناطق حول العالم بإسم المناطق الزرقاء، وهي مشهورة عالمياً بارتفاع متوسط اعمار سكانها، ونسبة الأشخاص الذين يعيشون حتى سن المائة عام او اكثر.

أشهر مناطق للشعوب الأطول عمراً.

أشهر مناطق للشعوب الأطول عمراً.

سردينيا ايطاليا: تشتهر هذه الجزيرة الإيطالية بوجود أعلى نسبة من الرجال المعمرين في العالم، خاصة في المناطق الجبلية الداخلية. يعزى طول العمر هناك إلى النظام الغذائي التقليدي القائم على الخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات النباتية، بالإضافة إلى النشاط البدني اليومي القائم على الرعي والزراعة والروابط الاجتماعية القوية.

اوكيناوا اليابان: كانت هذه الجزر اليابانية تعرف تاريخياً بإسم أرض الخالدين بسبب إرتفاع متوسط العمر، يتميز سكان اوكيناوا بنظام غذائي غني بالخضروات والتوفو والأعشاب البحرية ومستويات منخفضة من السعرات الحرارية، كما أن لديهم مفهوماً قوياً للمجتمع والدعم الإجتماعي (مواي- Moai)، بالإضافة إلى الحفاظ على النشاط البدني حتى الشيخوخة.

نيكويا، كوستاريكا: تتميز هذه المنطقة في كوستاريكا بأقل معدلات الوفيات في منتصف العمر وثاني أعلى تركيز للرجال المعمرين في العالم. يعيش سكان نيكويا بنظام غذائي يعتمد على الفول والذرة والقرع، ويشربون مياه غنية بالكالسيوم والمغنيسيوم، كما أن لديهم إحساساً قوياً بالهدف في الحياة وشبكات اجتماعية قوية.

ايكاريا اليونان: هذه الجزيرة اليونانية لديها واحدة من أعلى نسب المعمرين في العالم وأقل معدلات الإصابة بالخرف في منتصف العمر. يعتمد النظام الغذائي للايكاريين على زيت الزيتون الخضروات والفواكة والبقوليات والأسماك مع إستهلاك معتدل النبيذ، كما أنهم يحافظون على نمط حياة نشط ويتضمنون القيلولة في روتينهم اليومي ويتمتعون بروابط اجتماعية قوية.

لوما ليندا، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية: هذه المنطقة فريدة من نوعها، حيث ان غالبية سكانها هم من أتباع الكنيسة السبتية، الذين يتبعون نمط حياة صحي يشمل نظاماً غذائياً نباتياً أو شبه نباتي، وتجنب الكحول والتبغ، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والحفاظ على الروابط الاجتماعية القوية والإيمان.

 تظهر دراسة هذه المناطق الزرقاء، أن طول العمر لا يعتمد فقط على الجينات بل يتأثر بشكل كبير بنمط الحياة بما في ذلك النظام الغذائي والنشاط البدني والروابط الاجتماعية والشعور بالطمأنينة والشعور بالهدف.

 أسرار الشعوب المعمرة.

نظرة على عادات الغذاء وأنماط الحياة التي تطيل الاعمار. تتميز بعض المناطق بارتفاع متوسط العمر المتوقع لسكان هذه المناطق، وإن تباينت جغرافيتها وثقافتها، تشترك في خيوط رفيعة من العادات الغذائيه وأنماط الحياة التي تبدو وكأنها تلامس سر الحياة المديدة والصحية.

1. اليابان أوكيناوا، جزيرة الخالدين، نظامها الغذائي يرتكز بشكل أساسي على الخضروات التي تشكل ما يقارب 60% من السعرات الحرارية المتناولة، وعلى رأسها البطاطا الحلوة بأنواعها المختلفة والخضروات الورقية والفجل الدايكون والقرع المر والأعشاب البحرية الغنية بالمعادن والالياف. الحبوب وعلى رأسها الأرز بكميات معتدلة والدخن تشكل حوالي 30% من السعرات الحرارية، أما البقوليات ومنتجات الصويا كالتوفو والميسو والناتو والايدام مامي، فتمثل مصدراً هاما للبروتين النباتي، وتشكل ما بين خمسة إلى 10% من النظام الغذائي. اللافت للإنتباه هو الإستهلاك المحدود للغايه للحوم والماكولات البحريه التي لا تتجاوز 2% من السعرات الحرارية، مع التركيز على الأسماك البيضاء والدهنيه الغنيه باوميجا 3. يتميز النظام الغذائي الاوكيناوي بقلة السعرات الحرارية وغناه بالكربوهيدرات المعقدة والالياف والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، كما يتميز بالاعتدال في البروتين الحيواني والتركيز على البروتين النباتي مع استهلاك قليل للسكر المكرر والأطعمة المصنعة. ولا يمكن إغفال عادة "هارا هاتشي بو"، وهي تناول الطعام حتى الشعور بالشبع بنسبة 80% فقط، وقد أكدت العديد من الدراسات العلاقه بين هذا النظام الغذائي وانخفاض معدلات الأمراض المزمنة المرتبطة بالعمر. 
2. إسبانيا، حمية البحر الأبيض المتوسط: وصفة اوروبية لطول العمر، تتمتع إسبانيا بمتوسط عمر متوقع مرتفع، ويعتقد أن حمية البحر الابيض المتوسط التقليدية تلعب دوراً محورياً في ذلك. هذه الحمية ليست مجرد نظام غذائي بل هي نمط حياة، يركز على وفرة الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات وزيت الزيتون البكر الممتاز كمصدر رئيسي للدهون، كما تشمل المكسرات والبذور والأسماك خاصة الدهنية باعتدال، مع إستهلاك محدود للحوم الحمراء والمصنعة ومنتجات الألبان والبيض بكميات معتدلة. تتميز حميه البحر الأبيض المتوسط باستخدام الأعشاب والتوابل بدلاً من الملح، والاعتماد على الماء كمشروب رئيسي مع امكانية تناول كميات معتدلة من النبيذ مع الوجبات. وقد أظهرت الدراسات القائمة على الملاحظة والتجارب السريرية، فوائد هذه الحمية في تقليل خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وأمراض التنكسية العصبية. يعتقد أن مكوناتها الغنية بمضادات الاكسدة والدهون الصحية والالياف، تلعب دوراً هاماً في مكافحة الالتهابات والاجهاد التأكسدي، وهما عاملان رئيسيان في عملية الشيخوخة. 
3. سنغافورة: على الرغم من أن سنغافورة ليست منطقة زرقاء تقليدية، إلا أنها تتمتع بمتوسط عمر مرتفع، لا يوجد نظام غذائي موحد يتبعه جميع السنغافوريين، لكن هناك جهود حكومية لتعزيز الأكل الصحي مثل، فرض الضرائب على المشروبات السكرية، وتشجع إستهلاك الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات. يميل السنغافوريين إلى إستهلاك كميات معتدلة من اللحوم، مع التركيز على البروتينات الخالية من الدهون. يتميز المطبخ المحلي بتنوعه الثقافي، مما يوفر خيارات غذائية واسعة تشمل العديد من الأطباق التي تركز على الخضروات والأسماك والتوابل الصحية، كما أن نمط الحياة النشط، الذي تشجع عليه البنيه التحتية الصديقة للمشاة قد يساهم في صحة السكان. على الرغم من عدم وجود دراسات تركز بشكل خاص على النظام الغذائي السنغافوري لطول العمر، إلا أن الأبحاث تدعم فوائد العناصر الغذائية التي يتم تشجيعها وتاثيرها على الصحة العامة.
4. سويسرا، توازن غذائي: يتمتع السويسريون بمتوسط عمر متوقع مرتفع ويعزى ذلك إلى نظام غذائي متوازن ومتنوع، يشبه إلى حد كبير توصيات الحمية المتوسطية. يركز النظام الغذائي السويسري على تناول الكثير من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان، التي قد يكون لها فوائد خاصة نظراً لجودة الألبان من الأبقار التي تتغذى على الأعشاب الالبية والبقوليات والبيض واللحوم والأسماك باعتدال، مع إستخدام الزيوت النباتية والاعتدال في تناول الحلويات والكحول. تشجع الثقافة الغذائية السويسرية، على إستخدام المكونات الطازجة والمحلية والموسمية، كما أن عادات الأكل الصحية مثل تناول وجبات خفيفة منتظمة ووجبة عشاء خفيفة، قد تساهم في تنظيم الشهية وتجنب الإفراط في تناول الطعام، وقد وجدت الدراسات أن الاتزان بنظام غذائي يشبه حمية البحر الأبيض المتوسط في سويسرا، يرتبط بانخفاض خطر الوفاة من الأمراض المزمنه، مع ملاحظة تأثير إيجابي غير متوقع لاستهلاك منتجات الألبان.
5. هونج كونج، مزيج شرقي غربي: متوسط أعمار قياسي، تتمتع هونغ كونغ بواحد من أعلى متوسطات العمر المتوقع في العالم. ويعود ذلك إلى مزيج من العوامل الغذائية وأنماط الحياة. يعتمد النظام الغذائي على كميات كبيرة من الخضروات والفواكه الطازجة والأسماك والمأكولات البحرية والدواجن والبروتينات الخاليه من الدهون. مع إستهلاك معتدل للأرز والمعكرونة، وكميات أقل من اللحوم الحمراء. يعتبر الشاي جزءاً أساسياً من الثقافة وخاصة الشاي الأخضر وشاي الأعشاب الغني بمضادات الاكسدة. لا يزال هناك تقليد قوي للطهي في المنزل باستخدام المكونات الطازجة، مع وعي عام بأهمية الاعتدال في تناول الطعام.

يلعب الطب الصيني التقليدي أيضاً دوراً في الثقافة الغذائية، حيث يتم دمج مفاهيم التوازن وتناول الأطعمة التي تعزز الصحة وطول العمر. على الرغم من صعوبة تحديد اطعمة محددة وربطها بشكل مباشر بإطالة العمر، إلا أن التركيز على الخضروات والمأكولات البحرية والشاي قد يساهم في الصحة العامة.

الخاتمة.

إن نظرة فاحصة على عادات الشعوب المعمرة، تكشف على أن طول العمر ليس مجرد مسألة جينات، بل هو نتاج تفاعل معقد بين النظام الغذائي الصحي المتوازن الغني بالأطعمة الطبيعية، والأقل معالجة، والنشاط البدني المنتظم والروابط الاجتماعية القوية والشعور بالهدف في الحياة، والبيئة الصحية.

 هذه المناطق الزرقاء وكل منها بخصوصيته الثقافية والغذائية، تقدم لنا دروساً قيمة حول كيفيه تبني أنماط حياة تعزز الصحة وتطيل العمر. 

تعديل المقال