الحاضنة الشعبية لبشار الاسد تنقلب عليه و تطالبه بالرحيل
طفت بالفترة الاخيرة على السطح عدة اصوات من داخل الحاضنة الشعبية و من داخل مناطق سيطرة بشار الاسد، تفاوتت فيها المطالب من تأمين الخدمات و وصلت في بعض الاحيان الى المطالبة باسقاط النظام.
![]() |
قانون قيصر |
لقد ظهرت مؤخراً فيديوهات نُشرت على السوشال ميديا و وسائل التواصل الاجتماعي، اشخاص يتحدثون بلهجة التمرد و هذا مالم يكن معهوداً لهم من قبل، حيث و صل الامر ببعض المناهضين للنظام السوري و على راسه بشار الاسد الى شتم و سب الرئيس السوري بإسمه شخصياً، و هذا يعتبر طارئاً جديداً من الحاضنة الموالية تجاه الرئيس السوري.
لقد عانت مناطق سيطرة النظام السوري ازمات خانقة على مدار عمر الثورة السورية، فلقد خسر النظام منذ بداية الحرب ابار النفط المتركزة في منطقة الشرق السوري، و هذا ما مثل حصاراً حقيقياً على النظام السوري. ففي هذه الحالة خسر النظام مرتين، خسر ريع و ارباح بيع النفط، و بالمقابل هو مضطر لشراء المشتقات النفطية لتغطية احتياجات مناطق سيطرته.
لقد سيطر الجيش الحر بداية الحرب على ابار النفط، و بعد فترة و جيزة سيطر على ابار النفط تنظيم داعش الارهابي، و ما ان استقر الامر لتنظيم داعش حتى تم تأسيس قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية و من ثم هاجمت هذه القوات تنظيم داعش و قضت عليه و سيطر تنظيم قسد على المنطقة الشرقية من سوريا مدعوماً من الولايات المتحدة الامريكية، و التي مازالت تسيطر عليه الى الان.
ادى هذا الى خلق نقص حاد في مشتقات النفط في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، و خلق ازمات متتالية في وقود السيارات و التدفئة و توليد الكهرباء و تشغيل المصانع.
و إضافة الى خسارة النظام السوري للحقول النفطية خرج المجتمع الدولي بقانون قيصر الذي زاد الخناق اكثر على النظام السوري، مما جعله نظاماً مفلساً غير قادر على دفع المرتبات لجنوده و لموظفي الدولة، و في الوقت ذاته انحدرت الليره السورية بشكل استثنائي و خاصة في الفترة الأخيرة حيث وصل اليوم سعر صرف الليرة الى 16,000 ليرة مقابل دولار واحد.
يحصل موظفون الدولة السورية على مرتبا قدره 20 دولارا و هذا يعني 300,000 ليرة سورية و هو مبلغ لا يكفي لعائلة واحدة مكونة من خمس اشخاص لاكثر من خمسة ايام على اكثر تقدير.
قانون قيصر
و دوره في تردي الاوضاع المعيشية في مناطق حكم النظام السوري و ما اسباب اتخاذه.
بدأت قصة قيصر كرجل يعمل في تصوير حالات الوفاة الناتجة عن حوادث السير، وذلك قبل اندلاع الثورة السورية، و كان قيصر يعمل لصالح الطب الشرعي في الشرطة العسكرية في دمشق.
ومع اندلاع الحرب السورية تم توكيل قيصر بالتقاط صور ضحايا الحرب و المعتقلات، و بدأت اعداد الضحايا تزداد يوما اثر يوم، حتى مرت امام كاميرته العديد من صور جيرانه و اصدقائه و اقربائه الذين توفوا جراء القصف او التعذيب من قبل النظام السوري.
ما اثار حفيظة الرجل و كان يريد ترك عمله، و لكن بتوصية من صديق له خارج البلاد طلب منه البقاء على رأس عمله و إرسال كل الصور التي يتم تصويرها من قبل قيصر، و بالفعل نجح قيصر بتمرير عشرات الاف الصور الى صديقه المقيم خارج سوريا، و كان العمل سرياً تماماً.
و في ذات يوم قرر قيصر الخروج من سوريا، و بالفعل نجح الرجل بالوصول الى فرنسا، و هناك اجتمع بصديقه و تم تجميع كل الصور التي تعتبر دليلا قاطعا على مدى قسوة و فظاعة إجرام نظام بشار الاسد، و لقد وثقت تلك الصور ما يقارب 11,000 جثة لأشخاص قضوا تحت التعذيب.
تم جمع هذه الصور على مدار عامين و نصف منذ بداية 2011 الى منتصف 2014، و بالتعاون بين قيصر و صديقه، قاما بارسال تلك الصور الى الحركة الوطنية السورية، و بدورها ارسلتها الى منظمة هيومن رايتس ووتش، التي بدورها اكدت صحة كافة الصور.
اسم قيصر هو اسم مستعار لهذا الرجل، و في عام 2014 كان شاهداً متخفياً امام الكونغرس الامريكي، و بعد الاجتماع و الاستماع لشهادات قيصر و مشاهدة بعض الصور من قبل اعضاء الكونغرس، اتخذ الكونغرس الامريكي قانون عقوبات على النظام السوري، وفي يونيو 2020 دخل قانون قيصر حيز التنفيذ و أُسمي بقانون قيصر.
بنود وقانون قيصر.
يوجب قانون قيصر على الولايات المتحدة الامريكية ملاحقة المسؤولين السوريين، و ملاحقة كل من يحاول التعامل معهم، و يعاقب قانون قيصر كل مرتكبي جرائم الحرب ضد المدنيين، سوريين او غير سوريين.
تم تجميد الاصول المالية لنظام الاسد، و من ساهم معه من الحلفاء في قتل هؤلاء المدنيين، و تم حظر السفر للمسؤولين السوريين و بعض الاسماء المتحالفة معهم من دول اخرى، مثل ايران وروسيا بعدم السماح لهم بالسفر الى الولايات المتحدة الامريكية، و تعهدت الولايات المتحدة الامريكية في المساهمة في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا.
و كان لبنان هو الجانب الاكثر خوفا من هذا القانون، حيث قال مساعد وزير الخارجية الامريكي ديفيد شنجر.
ان الولايات المتحدة الامريكية بصدد اصدار قوانين و عقوبات ضد اطراف لبنانية، و يقصد بها حزب الله و المصنف كمنظمة ارهابية، و قال قد تشمل هذه العقوبات كل لبنان، و كان حينها لبنان يعمل جاهداً على الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لانه كان يعاني من ازمة مالية خانقة.
حيث ربط صندوق النقد الدولي تقديم الاموال للبنان، بمنع التهريب من لبنان الى سوريا، و كان واضحاً انه يقصد السلاح كشرطاً اساسياً لقبول اقرار الدعم.
ان التحركات الشعبية الحاصلة اليوم في مناطق النظام السوري و لو كانت بالشكل البسيط المتواضع، الا انها تنم عن وضع معيشي في غايه الصعوبة يعانيه الموالون لنظام الاسد، حيث انهم يقولونها صراحة اننا لم نعد نستطيع اطعام اطفالنا و لم نعد نستطيع الحصول على ابسط اساسيات الحياة اليومية.
و في لقاء مع قناه سكاي نيوز زعم بشار الاسد انه لا يريد ان يسمع للمعارضة الخارجية كونها مصنعة خارجياً، و انما سيستمع الى المعارضة كما اسماها المصنعة داخلياً، و لكن الحقيقة تقول غير ذلك، حيث ان اجهزة النظام السوري الامنية، اعتقلت مؤخراً العديد من الاشخاص الذين خرجوا على منصات التواصل الاجتماعي، و عبروا بطرق عدة عن غضبهم من الحالة المعيشية التي وصلوا اليها، و عن الفقر و العوز و إنعدام الخدمات في مناطق سيطره النظام.
و في الحين ذاته خرج اشخاص اخرون ينفون الاخبار التي تقول انه تم اعتقال احد من هؤلاء المناهضين للواقع المعيشي السيء.
في الواقع ان الخاضنة الشعبية الموالية لبشار الاسد، لم تعد قادرة على تحمل المزيد من القهر والذل و الفقر و العوز. و تطور الاصوات من اصوات فردية الى حالات جماعية و مظاهرات انطلقت في الآونة الاخيرة في مدينه السويداء، تعيد النظام السوري الى المربع الاول من 2011 و تضع امكانية صمود هذا النظام على المحك.
وما زالت الاحتجاجات تزداد رقعتها يوما بعد يوم، مع ارتفاع سقف المطالب الى اسقاط النظام.
لطفاً أكتب تعليقك هنا