ماذا يعني احتياطي النقد الاجنبي.
يعني ان يمتلك البنك المركزي لأي دولة ما، مخزونا مالياً احتياطياً بالعملات الاجنبية الرئيسية العالمية، مثل الدولار و اليورو و الين الياباني و الجنيه الاسترليني، وليس بالعمله المحلية.
![]() |
حركة الاقتصاد الروسي |
احتياطي النقد الاجنبي هو الفارق بين صادرات الدولة و وارداتها، ففي عملية التصدير و الاستيراد، يكون هناك اما ارباح او خسائر فاذا كان هناك خسائر فان الدولة تخسر من راس مالها و من انتاجها القومي، و اذا تساوت اموال الصادرات بالواردات، فهذا يعني لا ربح و لا خسارة، و اما اذا كانت الصادرات تجلب الاموال للدولة فهذه الاموال المضافة عن راس المال تسمى الاحتياطي النقدي الاجنبي.
و هذا الاحتياطي تقوم الدول باستثماره بعدة طرق، فأما ان تشتري الدولة الذهب عندما تنخفض اسعاره عالمياً، او تضع هذا الاحتياطي في بنوك دول اخرى لتشغيل هذا الاحتياطي و جني الارباح من خلاله، او بشراء الاسهم و السندات الاستثمارية.
و يتمثل الاحتياطي لكل دوله بتلك الاموال التي جنتها الدولة تلقاء معاملاتها الخارجية، و هذه الارباح اسمها الاحتياطي، و يقاس الاحتياطي هذا بمدى ما يكفي الدولة في حال تم فرض عقوبات عليها ما، فيجب ان يكفي الدولة من احتياجاتها من المواد الاساسية كالغذاء و الكساء والادوية و حليب الاطفال و تشغيل المعامل.
المهم ان الاحتياطي النقدي، يكون قوياً بقدر الفترة التي يكفي بها الدولة المحاصرة او المفروض عليها العقوبات.
ومن المهم لأي دوله ان تمتلك احتياطياً يكفيها على الاقل لستة اشهر في حال تم فرض حصار عليها او عقوبات دولية، و كلما زاد الاحتياطي للدولة كلما كانت دولة اقوى.
هاك الكثير من الدول التي تحتفظ بذهبها في دول اخرى، مثل بريطانيا و امريكا لكن تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية، ادت الى ان قامت الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا، بتجميد الاموال الروسية المودعة في بنوكها، الى ان تعيد الكثير من الدول حساباتها بالنسبة لاموالها في بريطانيا و امريكا.
حيث ان الكثير من الدول بدات بسحب احتياطياتها من الذهب في بريطانيا و الولايات الامريكية المتحدة حتى تتجنب تلك الدول نفس المصير الروسي المحتمل.
عقوبات الدول الغربية على البنك المركزي الروسي.
في الاونة الأخيرة اتجهت الكثير من الدول لامتلاك الذهب فلماذا
في 1990 كان انذاك اقتصاد الاتحاد السوفيتي في اسوء حالاته، كان يعاني من الانكماش والبطالة والتضخم وديون متراكمة و نقص في الغذاء.
كان الخبراء الاقتصاديين يتوقعون ان احتياطي الاتحاد السوفيتي آنذاك يبلغ من 160 الى 190 طن من الذهب، و كانت هذه الارقام عبارة عن توقعات لأنه لم يكن احصائيات رسمية بهذا الخصوص و كان التعتيم الحكومي سيد الموقف. و كان الامر ذو صفة سرية منذ عام 1935.
و في عام 1991 اعلن البنك المركزي السوفيتي ان احتياطيه من الذهب 375 طن، و هذا ما كان يتوقعه الكثير من الخبراء الاقتصاديين.
و في 1991/ 27 سبتمبر، صرح gregory yavlinsky نائب اللجنة المؤقتة لدائرة الاقتصاد السوفيتي، و قال ان الأحتياطي من الذهب يتراجع و وصل إلى 240 طن و قيمتها 2.7 مليار دولار، و حصل هذا التراجع خلال فترة قصيرة جدا و هي 3 اشهر فقط .
وعلى اثر هذه التصريحات كثرت التساؤلات، عن اين فُقدت تلك الكمية من الذهب، على الرغم من أن الاتحاد السوفيتي كان من اكبر الدول المنتجة للذهب في العالم.
صرح حينها gregory yavlinsky ان الحكومة السوفيتية كانت تبيع الذهب لاستيراد السلع الغذائية الاساسية، و ان اسعار النفط كانت هي السبب الاول في بيع الذهب السوفيني، و حصل ذلك في عام 1990
و ان الحكومة السوفيتية باعت في ذلك الوقت 470 طن لتمويل الواردات.
و في تلك الفترة البائسة من حياة السوفييت رهنت الحكومة 110 طن مقابل مواد اساسية غذائية، على اتفاق بسداد قيمة تلك الأغذية و اعادة الذهب، و كانت قيمة الواردات حينها 1.2 مليار دولار.
و عندما أيقن الزعماء السوفييت عجزهم عن دفع قيمة الواردات نقدا، و ان خسارتهم للذهب مؤكدة،
خرج رئيس الوزراء السوفيتي حينها valentin pavlov فقال اننا اخفينا انتاجنا من الذهب انخفض، و صرنا نمول وارداتنا من الاحتياطي الاستراتيجي، و قال لقد اخفينا حقيقة احتياطنا من الذهب حتى نتمكن من الاقتراض من صندوق النقد الدولي .
و في نهاية عام 1991 انهار الاتحاد السوفيتي، و اعلن وقتها ميخائيل غورباتشوف استقالته و جاء بعده بوريس يلتسين كأول رئيس لروسيا الجديدة.
في عهد بوريس يلتسين، بدأ الأحتياطي من الذهب بالارتفاع مجدداً و وصلت في عام 1993 الى 308 طن.
و بقيت الثروة الذهبية بالإزدياد لغاية عام 1998، الذي حدثت فيه ازمة اقتصادية خانقة لروسيا و انخفض احتياطيها من الذهب الى 180 طن.
رحل بوريس يلتسين و خلفه في الحكم في عام 1999 فلاديمير بوتين، و منذ عام 2000 الى 20007 حافظت حكومة بوتين على احتياطي بقيمة 400 طن من الذهب، و في 2010 صرح بوتين انه يعمل على زيادة احتياطي بلاده من الذهب و بوتيرة سريعة، تماشيا مع الازدهار الاقتصادي، ليحمي بلاده من اي ازمات اقتصادية عالمية مستقبلا.
وفي عام 2013، و صل الأحتياطي الروسي من الذهب الى ١٠٠٠ طن.
و في 2014 قرر فلاديمير بوتين السيطرة على جزيرة القرم، و كان يعرف تماما حجم العقوبات التي ستفرض على بلاده جراء هذا التقدم العسكري على جزيرة القرم، و بالفعل كان للذهب كلمته في هذه الحرب.
حيث انفقت روسيا في عام 2014 ،. 130 مليار دولار من الاحتياطي المركزي لتنخفض 5010 مليار دولار، الى 385 مليار دولار، في تلك اللحظة قررت الحكومة الروسية اعادة بناء الاحتياطي المركزي و هذه المرة كانت الاعتماد هو على الذهب.
تم تكليف السيدة Elvira Nabiullina باعادة بناء العجز الذي اصاب الاحتياطي الاستراتيجي الروسي، و منذ 2013 و الى يومنا هذا، نجحت السيدة Elvira Nabiullina برفع احتياطي البنك المركزي الى 630 مليون دولار، و من ضمنها 140 مليار دولار من الذهب اي ما يعادل نسبته 22% من الاحتياطي الكلي.
ان الاحتياطي الروسي من الذهب الخام كان قبل الحرب الروسية الأوكرانية ما يقارب2300 طن من الذهب، ما رسخ فكرة الحرب لدى الرئيس الروسي ظناً منه انه ذو رصيد قوي سيجعله يجتاز الحرب دون انهيار للاقتصاد الروسي و قد بنى ظنونه على خلفيته باحتلال لجزيرة القرم.
لكن هذه المرة ليست كسابقاتها، فلقد اعلنت الولايات الامريكية المتحدة الحرب الاقتصادية منذ بداية دخول الجنود الروس الى اوكرانيا.
فلقد اعلنت الدول الصناعية السبع بزعامة الولايات المتحدة تجميد الارصدة النقدية الروسية في بنوك اوربا و امريكا و يعتبر هذا القرار قرارا لم يتوقعه احد و غير مسبوق وتبلغ قيمة هذه الودائع نصف الاحتياطي الروسي الكلي بقيمة 300 مليار دولار
حيث ان الودائع الروسية كانت موزعة في عدة دول مثل بريطانيا و اليابان و الصين و الولايات المتحدة الامريكية.
هذه الودائع هي نقدية و لا تشمل احتياطي الروسي من الذهب، ان روسيا تحتفظ بكامل ذهبها في اراضيها،
وهناك مركزين اثنين للاحتفاظ بهذا الذهب البنك المركزي الروسي في موسكو و مساحتها 17000 كم مربع، و منها 1500 هي مساحة المخزن الخاص بالذهب و العملات الورقية
و المركز الثاني في سان بترسبورغ،
يخزن بعض الدول الذهب في دولتهم مثل الصين و الولايات المتحدة الامريكية و تايوان و تركيا و بريطانيا و السعودية و فرنسا.
وبعض الدول تخزن اجزاء من احتياطياتها على ارضي دول اخرى مثل المانيا و سويسرا و هولندا و الهند و وبلجيكا و ليبيا و البرتغال ايطاليا و بولندا
لماذا تحتفظ بعض الدول بذهبها خارج اراضيها
لكل دولة اسبابها الخاصة بهذا الخصوص. فمثلا المانيا بعد هزيمة الالمان في الحرب العالمية الثانية
خشي الالمان في المانيا الغربية من ان يسيطر الاتحاد السوفيتي على الاحتياطي الذهبي لالمانيا ما اجبرهم على اخراج الذهب خارج المانيا الغربية الى فرنسا و بريطانيا و امريكا.
وفي عام 2013 اعلن البنك المركزي الالماني انه يعتزم نقل نصف احتياطيه من الذهب الى فرانكفورت
و النصفي الباقي من الذهب تم توزيعه بين بنك انجلترا البريطاني و البنك الفيدرالي الامريكي وهما اكبر مخزنين للذهب على مستوى العالم.
ما يتم تداوله ان قلعة فوردنوكس هي اكبر مخزن للذهب في العالم غير صحيح، و لكن الحقيقة ان اكبر مخزن للعالم هو البنك المركزي الفيدرالي الامريكي و الذي بني على عمق 26 متر تحت الارض في منهاتن.
و في 2019 وصل احتياطي الذهب في البنك الامريكي الفيدرالي الى 6190 طن لدول عديدة من العالم و ليس للولايات المتحدة الامريكة فيه اي رصيد بينما تحتفظ الولايات المتحدة بذهبها في فوردنوكس.
البنوك المركزية في دول العالم تحتفظ بالذهب فقط في البنك الفيدرالي الامريكي في نييورك و بنك انجلترا في بريطانيا، و السائد ان تلك الدول تستطيع استرداد ما تشاء من ذهبها او متى تشاء
الى ان حدث تجميد الاحتياطي الروسي من الدولار في بنك انجلترا و الفيدرالي الامريكي.
في استطلاعها الاخير شركة lnvesco و الذي شمل 85 صندوق ثروة سيادي و 57 بنك مركزي،
ان العديد من البنوك المركزية العالمية صارت تستعيد مخزوناتها من الذهب الموجودة في لندن و نييوورك
و الاحتفاظ بها على اراضيها.
وصلت قيمة الارصدة الذهبية المستعادة لدولها الى 68% من الاجمالي الكلي من الذهب الخارجي و يتوقع الخبراء انه خلال السنوات القليلة القادمة ستصل نسبة المنسحبين من هذه المخازن الى 79%.
النهم الصيني لامتلاك الذهب
منذ بداية عام 2023 زاد الاحتياطي الصيني من الذهب بقيمة 223 طن، وصار الاحتياطي الكلي 2330 طن . ان هذا السلوك الصيني يوجب علينا الوقوف عنده حيث ان الصين زادت من احتاطيها منذ بداية 2023 وحتى الشهر الثامن ما نسبة 10٪ من احتياطا الكلي تقريباً.
اين تحتفظ الصين بذهبها
ان امريكا و بريطانيا و روسيا تتيح للعامة معلومات تخزين احتياطياتها من الذهب، اما الصين فلا يعلم احد اين تحتفظ بذهبها، و هناك تعتيم كامل في هذا المجال، لكن الصينيين من المؤكد ان هم يحتفظون بذهبهم في بلادهم.
لطفاً أكتب تعليقك هنا